20‏/4‏/2015

العبادي يعود من واشنطن بمشروع القضاء على الحشد

صائب خليل

العبادي في واشنطن: الأهداف الثانوية

لزيارة العبادي إلى واشنطن أهدافاً متعددة أحدها هدف رئيسي سأتركه لنركز عليه في النهاية لخطورته، هو القضاء على الحشد الشعبي.

في مقدمة الأهداف الثانوية – رغم خطورتها – الأهداف الإقتصادية. وكما هو المتوقع، كان هدف أميركا هنا ربط البلاد بالمزيد من القيود إلى مصالح الشركات الأميركية العملاقة ونظام حرية (لصوص) السوق في نهب البلاد، وسحب ثروة النفط العراقي بأسرع ما يمكن.(1)

وأعطى العبادي وقتاً كبيراً ووعوداً كريمة للشركات الأمريكية “في مختلف القطاعات المالية والمصرفية والتجارية والنفطية والتقنية”، وكلها متلهفة لـ "مساعدة العراق" (!)، ومنها شركة أكسون موبيل سيئة الصيت والتاريخ في التعامل مع الشعوب. (2)

كذلك كان لصندوق النقد الدولي المشهور بعمليات تحطيم الإقتصادات التي يتدخل فيها، حصة كبيرة من زيارة العبادي الذي يؤمل منه أن يدفع ما بدأه سابقوه من تدمير لمستقبل البلاد، إلى مستويات أعلى.

وكرر العبادي ذات التمثيليات السمجة التي مل المالكي قبله لكثرة تكرارها، وبذات الكلمات المثيرة للإنزعاج مثل "تفعيل أتفاقية الإطار الإستراتيجي"، وهو “الطموح” بأن يسلم البائع ما دفع المشتري ثمنه من سلاح! (3)

وهدد بعض رفاق العبادي من بغداد ان : "الحكومة سيكون لها موقف بعد زيارة العبادي الى واشنطن (إن لم تف الأخيرة بوعودها) وأن أميركا ستكشف حقيقتها إن لم تجهز الأسلحة "(ويبدو أن قصف الجيش والحشد  لا يكشف ما يكفي !!) (4)



وبينما إشارت رويترز أن العبادي اخبرها بأن العراق بحاجة ماسة للأسلحة الثقيلة والدبابات و أكد مكتب العبادي أنه بحث أهمية الإسراع بالتدريب العسكري والتسليح مع وزير الدفاع الأمريكي،(5) يفاجئنا العبادي لاحقاً ليس فقط بنفي انتقاده للسعودية في موضوع اليمن، بل ايضاً بالقول بأنه "لم يطلب" أسلحة من الولايات المتحدة!! فأما أن الصيهود كان يكذب عن أولوية الأسلحة، وكذلك رويتزر ومكتب العبادي نفسه وعدة جهات أكدت ذات الموضوع، أو ان العبادي يكذب ليداري موقفه، وأن أوباما رفض طلبات السلاح! (6)

رغم كل ذلك فأن العبادي لا يستحي أن يقول لاحقاً: "لمست دعم كامل وغير محدود بصراحة من الرئيس اوباما لتحرير الأراضي العراقية".. ويلهج بعبارات التشكر المنافق للأمريكان: "تمكن العراق. . .من تحرير جزء كبير من أراضيه بدعم من الائتلاف لا سيما من الولايات المتحدة. وكان للمساعدات الأميركية، أكبر الأثر".!! و يعلم العبادي اكثر من أي عراقي آخر، أن الأمريكان لم يسهموا إلا في قصف الجيش العراقي والحشد الشعبي ولم ينزلوا مظلات الدعم إلا لداعش. وكذلك يعلم جيداً أنه سيجعل نفسه موضع استخفاف وغضب من العراقيين، لكن لا مكان في البيت الأبيض، لا للحقائق، ولا لكرامة الصدق.



المؤتمر الصحفي : اميركا والحشد الشعبي والتبعية



يقال في العراق : "اللي بعبه معزة يمعمع"، أي أن كلامه يفضح حقيقته رغم محاولته أخفاءه. وقد أثبت هذا المثل صحته في المؤتمر الصحفي الذي عقده أوباما والعبادي إثر اجتماعهما في واشنطن أمس (15 نيسان)، حيث كانت أكثر العبارات تعبيراً عن حقيقة العلاقات الأمريكية العراقية قول أوباما: "يجب أن لا نعطي الإنطباع بأن الحكومة الأمريكية هي من تسير الأمور هناك (في العراق)"! (7)

لاحظوا أنه قال "يجب أن لا يعطي انطباعاً"! ولم يقل"نحن لا نسير الأمور هناك" أو "نحن لا نتدخل" بل ما يهمه فقط هو تجنب حصول الناس على هذا الإنطباع. وطبيعي أن القلق من هذا الإنطباع ليس بلا سبب. فالعبادي جاء إلى الكرسي، (كما جاء المالكي قبله)، من خلال حركة أمريكية قامت بتجاوز إرادة العراقيين ودستورهم ونظامهم و"تعيين" رئيس الحكومة العراقية من البيت الأبيض مباشرة. وكما في استبدال الجعفري بالمالكي، كانت الذراع الكردستانية هي المنفذ الاساسي، مع التوابع في وكر المجلس الأعلى الجاهز لكل أمر أمريكي.



ويبدو أننا لسنا البلد "الصديق" الوحيد الذي تم استبدال حكومته بواحدة “أنسب” لأميركا. فتكتب واشنطن بوست مقارنة بين العراق وأفغانستان: "...ففي أفغانستان، جاء رئيس جديد هو أشرف غاني، وهو مدير تنفيذي سابق في البنك الدولي وخريج جامعة كولومبيا، واستلم منصبه بعد كرزاي الذي تهدمت علاقته بالبيت الابيض، وعند زيارة غاني للبيت الابيض، قال أوباما"هذه الزيارة فرصة لفتح صفحة جديدة بين بلدينا". وفي العراق، علق البيت الأبيض آماله على العبادي".



القضية الأساسية: الموقف من الحشد



وسواء أعطى أوباما "الإنطباع" أم لا، فلا يوجد عراقي واحد لا يعتقد أنه من "يدير الأمور هناك". لكن لماذا استدعى"السلطان" ، "عامله على العراق" لهذه الزيارة؟ فحرب داعش لم تبدأ هذه الأيام، ولم يحدث شيء خاص يستدعي اجتماع "القادة"! كما أن العراق يمتلئ بالخبراء الأمريكان، ويستطيع هؤلاء أن ينقلوا للرئيس أوباما كل ما يحتاجه العراق من "دعم" أمريكي. كذلك فأن بايدن على اتصال مستمر به، وقد كان "عضو ارتباط" للعامل السابق على العراق أيضاً، وقد قال بايدن أنه يتصل بالعبادي أكثر مما يتصل بزوجته!



فما الذي أوجب استدعاء العبادي بنفسه إلى واشنطن؟ تحدث أوباما أمام الصحفيين فقال: "كان هناك "حشد" للميليشيات العراقية لحماية بغداد وانتشرت هذه الميليشيات ولكن ما نتوقعه هو متى ما تمكن دولة رئيس الوزراء من تنظيم القوات العراقية ، نتوقع عند ذلك ان أية مساعدات خارجية تأتي إلى العراق سوف تمر من خلال الحكومة العراقية (!) لأنه بهذه الطريقة نحترم السيادة العراقية (!)" . وأكد أوباما أيضاً وكرر أكثر من مرة ضرورة أن تكون جميع القوات المقاتلة تحت أمرة قيادة عراقية ..

إنه يقول للعبادي، وامام الناس، ما "يتوقعه" منه بالنسبة لبلده، وتخيلوا لو أن العبادي كان هو من يقول لأوباما كيف ينتظر منه أن يدير بلده! إنها أوامر الرئيس لمرؤوسه وليست احاديث بين رئيسين، بل أنها أقرب للتهديدات من الأوامر!

استمعوا إلى أوباما يقول بصراحة: "الأمر يتعلق بقدرة الحكومة العراقية على محاسبة القوات المسلحة على الأعمال التي تقوم بها وكما ذكر أنه كانت هناك اعمال إجرامية وطائفية ويجب على رئيس الوزراء أن يكون قادراً على أن يحاسب هذه الأطراف.. ". (لاحظوا: "على رئيس الوزراء أن...!) .. ثم يطمئننا: .. "بدأ رئيس الوزراء العبادي يسيطر على الأمور"..  (ويبدو أن العبادي قد اعتذر في الماضي للأمريكان بأنه لم يكن يستطيع تنفيذ الأوامر لأنه لمن يكن يسيطر على الأمور، فاستعجله الأمريكان فطلب بعض الوقت، تماماً مثلما فعل المالكي حين كتب في صحيفة أمريكية مقالة عنوانها "أصبروا علينا" في زيارته الأخيرة لواشنطن قبل أن تتم إزاحته) .



يكمل أوباما حديثه عن ثقته بالنصر الذي "لن يتحقق إلا إذا كان هناك تصور مشترك للسنة والشيعة والآخرين في العراق أن هذه الحكومة تشمل الجميع وتأخذ رأيهم على مستوى اتخاذ القرارات" ، ثم كرر مرة أخرى ضرورة أن يحاسب العبادي القوات التي ترتكب أعمالاً جرمية وما اقترفته.

تجارب أميركا الوسطى التي نقلناها في مقالات سابقة تؤكد أن أميركا حين تطالب دولة بحكومة "تشمل الجميع" فإنها تقصد أن تشمل عملائها، فهي لم تكن يوماً مهتمة بوحدة أي بلد، إلا اللهم بتخريبها. وأوباما يضع نفسه هنا مرة أخرى ممثلا لمكونات الشعب العراقي ومكوناته أمام من يفترض أن يكون "المنتخب" من قبل هؤلاء!

إن كان اوباما يتعامل مع العبادي هكذا أمام الصحفيين... فكيف كان الحديث المنفرد بينهما؟ ولماذا هذا التركيز على "السنة" ومحاسبة “الميليشيات” أي الحشد؟ وما هو الموقف الذي يريد أوباما من العبادي أن يتخذه من الحشد؟

.

خصوم مشروع الحشد



دعونا ننظر أولا إلى الجهات التي تقف في وجه مشروع الحشد: إنهم أولا ًبعض قادة السنة المعروفين بعلاقتهم الممتازة بالأمريكان وكردستان والذين فقدوا كل شعبيتهم بين السنة الذين يرونهم مسؤولين عما أوصلوهم إليه. ويستعمل هؤلاء مخاوف طائفية لدى السنة من الشيعة أثاروها هم وإعلام أسيادهم ليرهبوا الناس من الحشد، بالمبالغة الشديدة حول تجاوزات قيل أن الحشد قام بها، ويبدو أنها مدسوسة عن عمد أيضاً، كما سنرى بعد قليل. (8)

ونجح المتأمرون في مشروعهم إلى حد ما، وطالبوا بتسليح العشائر بدلا من الحشد. (9) لكن نجاح هؤلاء كان محدوداً جداً حيث أن نسبة كبيرة من الناس لم تصدقهم ورد عليهم العديد من المسؤولين المحليين والنواب ووقفوا مع الحشد بكل قوة.(10)



والجهة الثانية التي تقف بوجه الحشد، ربما دون أن يدري معظم من يساهم فيها بتأثير موقفهم، هي مجاميع الأبرياء من الشيعة التي بدأت تنادي بضرورة عدم تقديم التضحيات لتحرير مناطق لا تقدر تضحيتهم! وأغلب هؤلاء في حقيقتهم من المتعاطفين جداً مع الحشد، لكن نتيجة نشاطهم تصب في النهاية نحو وقف مشروعه.



أما الجهة الثالثة وهي الأقوى والأكثر خطراً بلا شك، فهي الأمريكان، وموقفهم شديد العداء من الحشد ويدير كل العداوات ضده بدراسة وعلمية.  



الخلاف بين الأمريكان والحشد



يمكننا أن نكتب الكثير حول هذا لكننا سنكتفي بما قالته نيويورك تايمز بأنه "تحت ضغط من المسؤولين الاميركان في بغداد، سحب العراق فصائل الحشد الشعبي من مدينة الرمادي" وأن السفير الأمريكي كان يحث زعماء الأنبار لرفض "الجماعات المسلحة الشيعية" ورهن المساعدة الأمريكية بهذا الرفض. (11)



ولا يخفى السر في هذا الكره الأمريكي للحشد، فداعش ليست سوى فرقة إرهابية إسرائيلية أمريكية كما تبرهن الدلائل المتزايدة كل يوم. (12)

ولم يكتف الأمريكان بالضغط والحرب الإعلامية بل نظموا أعمال تخريب لتشويه سمعة الحشد. وقد قدم حزب الله كشفاً خطيراً للغاية للشعب العراقي حين القى القبض على عصابة مجندة من المخابرات الأمريكية والكويتية لتشويه سمعة الحشد وبالتحديد ، كتائب حزب الله! (13)، وهو كشف لا يبقي أي شك حول مصدر التجاوزات والإرهاب الذي يتهم الحشد به! إننا على الأغلب لن نجد العبادي أو ذيول الأمريكان في المجلس الأعلى أو قيادة كردستان من يتحدث عن هذا الأمر لأنه لا يناسب المشروع المكلفين بإنجازه.



وقد حققت هذه الجهود نجاحاً ملحوظاً، وأتاحت للحكومة العميلة استبعاد الحشد من قبل رئيس الوزراء العبادي أكثر من مرة وحسبما تسمح به الظروف دون أن يفضح موقفه بشكل خطير. وبعد أن كان الحشد يتوقع حرق داعش في الأنبار التي ستكون أسهل من معركة تكريت(14)



وهكذا أنقذ الأمريكان وعملاءهم داعش. وجرى الأمر بعد إلحاق الحشد بالقوات المسلحة بحركة مفتعلة ليكون تحت سلطة العبادي، بحجة "حصر السلاح بالدولة". وهكذا تم إيقاف الحشد عن التقدم إلى تكريت ورتبت القوات الأمريكية انسحاب داعش منها. و من خلال مأسسته تحت أمرة العبادي تم وضع الحشد تحت سلطة الإدارة الأمريكية غير المباشرة، وبالتالي تم شله كبقية القوات العراقية التي اسسها الأمريكان والمنخورة إلى أقصى قمتها. وقد كتب أياد السماوي عن "أهداف سياسية غير نظيفة وراء قرار مجلس الوزراء بمأسسة الحشد الشعبي"(15)

ونتيجة ذلك كله وبدلا من أن يتم دحره، قام داعش بمحاصرة الرمادي وهو يهدد اليوم بالسيطرة عليها وقد هاجر معظم أهلها! (16) وكذلك حدث اختراق في بيجي، والذي قال عنه هادي العامري بأنه "نتيجة للحملة "الظالمة والعدائية" التي أثيرت ضد الحشد الشعبي بعد دخوله تكريت. وقال:" كنا نخطط بعده لتطهير المنطقة بشكل كامل حتى شمال مصفى بيجي". وأضاف :"أن الحشد الشعبي تعرض لحملة غير مبررة وعدائية من قبل المنظومة الإعلامية وبعض السياسيين الذين أصبحوا بشكل واضح وصريح يدافعون عن" داعش"، مبديا أسفه لاستجابة الحكومة الاتحادية لهذه الحملة الظالمة وطلبها من الحشد الشعبي الانسحاب من تكريت". وقال : "لولا هذه الحملة لكنا على أعتاب الشرقاط". (17)



والحقيقة هي أن الحكومة استعملت تلك الحملة كحجة فقط، لأنه مقابل الحملة العدوانية على الحشد، كان هناك حملة شعبية أخرى، وربما اقوى، مؤيدة له، وهي ما تزال مستمرة ومازال المزيد من السنة يطلبون مساندة الحشد الشعبي كما نرى في هذا الفيديو الذي يذكر الحشد بالذات وليس الجيش! (18)

لكن العبادي لم يفوت الفرصة، فسحب الحشد من تكريت ليتيح للأمريكان وداعش المجال لإكمال خطتهم.



وملفت للنظر تحذير المالكي "من مخططات لإسقاط مشروع الحشد الشعبي" لأنه يمثل الوحدة الوطنية، والذي لا أتصور أن كلامه مجرد دعاية إعلامية عابره، بل من خبرته بما يجري عادة في مؤتمرات واشنطن في مثل هذه الظروف. (19)








ماقبل الزيارة: ضربة أستباقية – إحالة 300 ضابط على التقاعد



ولأجل رؤية واضحة لأهداف استظافة السلطان أوباما لـ"عامله على العراق" لنراجع تصرفات العبادي في العراق قبل الزيارة نفسها، فبعض الأمور من الأفضل القيام بها قبل الزيارة، لأنها إن جاءت بعدها فسوف تظهر بأنها تنفيذ لأوامر أوباما، وهذا "يعطي الإنطباع بأنه يدير الأمور هناك"!

العبادي، وبعد أن اطمأن إلى أن صوره وهو يلوح بالعلم العراقي الكبير في تكريت وغيرها، ليوحي لمن يراه أن له علاقة ما بالنصر، وبعد تأكيده أكثر من مرة زيف التهم الموجهة للحشد، لكي يظهر نفسه في صف داعميه، راح يتحدث عن "بعض المندسين"، ثم تحدث عن "جيش من المستفيدين"! وهدد بأنه سيعاقب الجميع حتى القادة (!) إن ثبت تورطهم في التجاوزات! ولا نراه هنا إلا يحضر للضربة ضد هؤلاء القادة عندما يجد الوقت مناسباً. (20)



وأخطر من ذلك، قام العبادي بإحالة أكثر من 300 ضابط في وزارة الدفاع على التقاعد! وقد أصدر العبادي قراره المفاجئ هذا قبيل مغادرته إلى واشنطن بساعات وفي وقت متأخر من الليل! ويبدو أن القائمة جاءته متأخرة جداً، ربما بواسطة تلفون ممن "يتحدث معه أكثر مما يتحدث مع زوجته"!(21)

وكان العبادي قد أصدر قبل اربعة ايام من ذلك سلسلة اوامرعسكرية بإعفاء واستبدال وتعيين 12 من القادة والآمرين في قوات الجيش والشرطة الاتحادية شملت قيادات القوات البرية والاستخبارات والمدفعية وقادة فرق عسكرية.



حين قرات الخبر شككت بأنه جزء من مؤامرة أمريكية على الجيش، وأن الضباط الذين تم استبعادهم هم الأفضل والأكثر وطنية وسيتم إحلال بعض العملاء محلهم ولهدفين: الأول من أجل تخفيف الضغط عن داعش ، والثاني للسيطرة على الجيش استعداداً لقرارات وفضائح جديدة وصعبة تكشف عمالة الحكومة لأميركا وتآمرها معها على العراق، وما يخشى من موقف الجيش من ذلك!  هذا كان شعوري الذي تكون من قراءاتي لتصرفات أميركا مع حكوماتها العميلة في البلدان الأخرى ومنها مصر مبارك، لكن لم يكن لدي دليل ولم أتوقع أن أحصل على دليل.



لكن الحظ ضرب ضربته هذه المرة وجاء سريعاً خبر يؤشر على احتمال صدق توقعاتي! فقد نقلت النائب حنان الفتلاوي أن احد الـ 300 الذين تمت إحالتهم على التقاعد، كان اللواء ضيف الطائي الذي استشهد وهو يدافع عن مصفى بيجي..والذي "صمد مع ثلة قليلة من الابطال الشرفاء ودافع عن مصفى بيجي لاشهر ومنع سقوطها"...

وقد علق أحد قراء موقع الفتلاوي على الخبر بالقول: "والله انا من اهل بيجي واشهد الله ان الشهيد البطل ومن معه صمدو صمودا يستحق ان يكتب في التاريخ بماء الذهب ويستحق كل من صمد معه التكريم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معاني .. والله انهم سطرو اروع انواع البطولة والملاحم وكانت بيجي وتكريت وكل المناطق المحيطة بهم بيد داعش وكان الهجوم عليهم كل يوم بمختلف الاسلحة الخفيفة والثقيلة والمفخخات المدرعة والانتحارين وقصف الهاونات ولمدة ستت اشهر ولا امداد لهم الا حفظ الله والطيران .. والله يستحقون كل احترام وان تخلد اسمائهم ليس منن ولاتكرما ولكن بما سطرت يديهم من اروع البطولات"!(22)



هذا إذن نموذج الضباط الذين استهدفتهم حملة العبادي لأعادة هيكلة الجيش "وجعله اكثر فاعلية وكفاءة في مواجهة المخاطر التي تواجه العراق"، كما جاء في خبر القرار!! ولا شك أن العبادي الذي لم يعجبه من هم بصفاة الشهيد اللواء ضيف الطائي وأمثاله، سيضع العكس منهم، ممن يرضى عنهم أوباما ويضغط من أجل إعادتهم إلى الجيش أو الحرس الوطني، من أمثال الفريق عبود كنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي، الذين سلموا الموصل لداعش!



خاتمة



علينا كعراقيين، إذا أردنا الإحتفاظ بالأمل في وجود عراق بعد عشر سنوات من الآن، أن نحتفظ بالحقائق الكبيرة التي كشفت الأحداث عنها بوضوح أمام أعيننا وإزالة أي أثر للتردد أو النسيان في التعامل معها والتصرف على ضوئها وهي: إن داعش مؤسسة إرهابية أمريكية إسرائيلية، ومازالت تدعم من قبلهما وبكل الطرق، وأن القوات والمستشارين الأمريكان وحلفائهم إنما يتواجدون في العراق لهذا الغرض، وأن إزالة هؤلاء الجواسيس هدف وطني أساسي وأن كل من يتعامل مع الأمريكان شخص مشبوه وخطر، وأن قيادتي كردستان والمجلس الأعلى وما يقارب جميع القيادات السنية، مقفلة تماماً بيد عملاء أميركا وإسرائيل وأن العبادي ليس سوى الدمية التي جاءوا بها إلى العراق في ليلة ظلماء بأيدي عملائهم في كردستان لتحقيق الأهداف الإسرائيلية وأنه غير قادر على الإتيان بأية حركة خارج هذا الإطار حتى لو أراد، وبالتالي فإن إزاحته بأسرع وقت ممكن يجب أن يكون هدف كل من يريد بقاء العراق، وأنه هو والمجلس الأعلى وقيادة كردستان والكتل السنية والقاعدة وداعش أدوات أمريكية إسرائيلية لا تختلف عن بعضها إلا بأدوارها، وهي متعاونة تماماً تحت أمرة وتنسيق القيادة الأمريكية لإنجاز أهداف إسرائيل في تحطيم البلد وشعبه.



إنها حقائق حادة جداً وقاسية جداً، لكن وراء كل منها يقف الف دليل، وتجاهلها لمجرد كونها حادة، أو "ليست لطيفة" هو الإنتحار الوطني ذاته. فعملاء أميركا في بغداد وفي كردستان يتصرفون بالمزيد من الوقاحة والحزم وعدم الحياء والشراسة في تنفيذ الأجندة الإسرائيلية بكل عنفها في تحطيم العراق، وينتظر ممن يريدون الدفاع عن وطنهم أن يكونوا بنفس الحزم والوضوح والشراسة في الدفاع عنه. إن الأحداث تقول بوضوح أن الخيار للعراقيين هو بين مواجهة عملاء أميركا وإسرائيل في معركة علنية واضحة، أو انتظار نهاية قريبة جداً للعراق. الحقائق المكشوفة واضحة وكافية، ومن مازال لا يجد طريقه في غابتها، فليقرأها ثانية.  



إن أردنا الإنتصار في هذه المعركة فعلينا أن نكون في الميدان السياسي والإعلامي بشجاعة الحشد في ميدان المعارك: أن نضع مصالحنا وحياتناعلى راحة يدنا! فلا فائدة من التضحية بدماء الشباب الزكية ونحن نترك ظهرهم عرضة للمؤامرات بموقف متميع يترجى الخير من ذيول أميركا. أما أن يكون الجميع وعلى كل الجبهات "حشداً"، أو حلوا الحشد ووفروا دماءه وليستسلم الجميع لمصيره. الحقائق أمامكم.. والخيارات أمامكم!



(1) الرئيس الاميركي باراك اوباما يهنئ رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي على معدلات تصدير النفط


(2) العبادي من واشنطن يعد رؤساء الشركات الامريكية الكبرى برفع اية عقبات تواجههم


(3) دولة القانون : العبادي طالب واشنطن الالتزام باتفاقية الامن


(4) الصيهود : تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي ودعم جهود العراق في مكافحة الارهاب ستكشف مدى جدية امريكا في حربها ضد داعش التكفيري -


(5) العبادي يبحث مع وزير الدفاع الاميركي أهمية الإسراع بالتدريب والتسليح –


(6) العبادي ينفي مطالبته الولايات المتحدة بأسلحة جديدة أو انتقاده للسعودية في أزمة اليمن


(7) المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء


(8) نائب الرئيس العراقي: العبادي ووزير الدفاع أقرا بانتهاكات ضد المدنيين في تكريت


(9) مجلس الانبار: لم نطالب بدخول الحشد الشعبي ولولا ابناء المحافظة لوصل القتال لبغداد


(10) شيوخ البو عجيل يعلنون براءتهم من المنتمين لـ"داعش" ويناشدون الحشد وعشائر الجنوب "الرحمة والاخوة"


(11) نيويورك تايمز: واشنطن طلبت إبعاد الحشد الشعبي كشرط لتدخلها في الأنبار


(12) كشف تورط المخابرات البريطانية و الأمريكية في دعم داعش - YouTube


(13) بالفديو القاء القبض على عصابة تعمل لدى المخابرات الامريكية والخليجية تجند عملاء لتشويه سمعة كتائب حزب الله


(14) الحشد الشعبي: معركة الأنبار ستكون محرقة ومهلكة لداعش واقل تكلفة من صلاح الدين


(15) أهداف سياسية غير نظيفة وراء قرار مجلس الوزراء بمأسسة الحشد الشعبي … أياد السماوي


(16) داعش يحاصر الرمادي من جميع الجهات ويتقدم لمركز المدينة


(17) العامري :ما حدث في مصفى بيجي هو نتيجة الحملة "الظالمة والعدائية" ضد الحشد الشعبي


(18) الشيخ حميد الهايس يتحدث للنازحين من الانبار


(19) المالكي يحذر من مخططات لإسقاط مشروع الحشد الشعبي -


(20) العبادي:وعد من عندنا لن نسكت للمتجاوزين . - محبي السيد مقتدى الصدر


(21) قبيل مغادرته إلى واشنطن.. العبادي يحيل اكثر من 300 ضابط في وزارة الدفاع على التقاعد “


(22) - د. حنان الفتلاوي مطلوب من وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الاعتذار من الشهيد ضيف الطائي وعائلته.....



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق